Dried tiger nuts (2019)The Centenary Project
السعد اللذيذ (بالإنكليزية "تايغر نات"، أي مكسرات النمور وبالعاميّة المصرية "حبّ العزيز") هو ليس نوعًا من المكسرات ولا علاقة له بالنمور. إنّه نبات من الفصيلة السعدية ينمو على طول ضفاف النيل، واسمه العلمي Cyperus esculentus، وهو مشابه جدًا لورق البردي (C. ورق البردي).
Jazzhole coffee shop graffiti (2019)The Centenary Project
ويصادف أيضًا أنه أحد أقدم النباتات التي اشتهرت مصر باستهلاكها على مرّ الأزمنة منذ عصور ما قبل التاريخ.
Sifting Meal, Tomb of Rekhmire (ca. 1504–1425 B.C.) من أعمال Nina de Garis DaviesThe Metropolitan Museum of Art
الجذور هي الجزء الصالح للأكل من النبات، فهي تخزّن النشاء والعناصر الغذائية الأخرى وتشكّل جذاميرًا يجب اقتلاعها وتنظيفها ثم تناولها كاملةً، أو نيئةً، أو منقوعةً، أو محمصةً، أو يمكن تجفيفها ثم طحنها وتحويلها إلى دقيق يستخدم لخبز الكعك أو تحضير العصير.
استفاد الناس من جذامير السعد اللذيذ لآلاف السنين وقد اكتسبت مؤخرًا سمعةً باعتبارها طعامًا يمدّ الجسم بـ "طاقة رجل الكهف"، أي طاقة طعام العصر الحجري.
Man Carrying Loaves, Tomb of Rekhmire (ca. 1504–1425 B.C.) من أعمال Nina de Garis DaviesThe Metropolitan Museum of Art
أوّل من أكل السعد اللذيذ كان الأفراد الذين سكنوا خلال عصور ما قبل التاريخ موقعًا يُدعى وادى الكوبانية شمال أسوان في وادي النيل، حيث عثر علماء الآثار على بقايا جذامير سعد لذيذ عمرها 18,000 سنة.
واستمرّ استهلاك السعد اللذيذ خلال عصر ما قبل الأسرات (منذ 6000-5500 سنة)، فالجذامير البرّية الجافة التي كانت تقدَّم كقرابين وتُدفن مع الموتى كطعام للحياة الآخرة هي اكتشافات شائعةً في مقابر عصر ما قبل الأسرات.
تمّت زراعة السعد اللذيذ على الأرجح في وقت لاحق في مصر القديمة؛ إذ تكثُر رسومات هذا النبات وبقايا الجذامير في مقابر المملكة المصرية القديمة والمتوسطة والجديدة.
Cooking Cakes with Fat, Tomb of Rekhmire (ca. 1504–1425 B.C.) من أعمال Nina de Garis DaviesThe Metropolitan Museum of Art
يخبّئ السعد اللذيذ في مصر القديمة مفاجأةً أخرى، فقد رُسمت وصفة عمرها 3,500 سنة لكعكة السعد اللذيذ على جدار مقبرة رخميرع (التي تحمل الرمز العالمي TT100) (في طيبة الأقصر) القديم .
كان رخميرع وزيرًا في عهد الملك تحتمس وكان مسؤولاً عن جملة أمور من بينها الإشراف على إنتاج أرغفة السعد اللذيذ كقرابين للآلهة وطعام للكهنة وعموم سكّان طيبة.
Pounding Meal, Tomb of Rekhmire (ca. 1504–1425 B.C.) من أعمال Nina de Garis DaviesThe Metropolitan Museum of Art
تمّت إعادة كتابة وصفة كعكة السعد اللذيذ التالية بناءً على الرسمة الموجودة على جدار المقبرة. تبدو الرسمة كجزء من قصة مسلسلة تتضمّن مشهدًا طويلاً يقوم خلاله الخدم بتحضير العديد من المأكولات لعيد معيّن، وهذا هو أقرب تجسيد لفكرة اتّباع تعليمات مكتوبة بهدف تحضير طبق معيّن.
Harvest Scenes, Tomb of Menna (ca. 1400–1352 B.C.) من أعمال Charles K. WilkinsonThe Metropolitan Museum of Art
1. اطحن كميةً من السعد اللذيذ في هاون باستخدام مدقة
2. انخل الدقيق بتأنٍّ
3. أَضِفْ كوبًا من العسل إلى السعد اللذيذ المجروش واخلطهما ليتحوّلا إلى عجين
4. انقل العجين إلى وعاء معدني قليل العمق. ضَعه فوق النار مع إضافة القليل من المادة الدهنية. واتركه ليغلي على نار خفيفة حتى تحصل على معجون متماسك. من المفترض أن تتصاعد منه رائحة تحميص لا رائحة احتراق
5. دعه يبرد ثمّ شكِّله على هيئة أرغفة طويلة
Pounding Meal, Tomb of Rekhmire (ca. 1504–1425 B.C.) من أعمال Nina de Garis DaviesThe Metropolitan Museum of Art
Dried tiger nuts (2019)The Centenary Project
في الوقت الحاضر، يُعرف السعد اللذيذ في مصر باسم "حَب العزيز" ولا يزال يؤكَل بشكل أساسي كوجبة خفيفة شهية، ويرتبط بشكل مثير للاهتمام بـ "المولد"، وهو احتفال بعض المسلمين بيوم ميلاد ولي من الأولياء الصالحين. تُغسل الجذامير وتُنقع في الماء حتى تصبح طريةً. ويساعد النقع في تحلل النشاء وإطلاق السكريات. يتم تناولها نيئةً وتُباع على عربات الشوارع كوجبات خفيفة
Tiger nut milk and carrot cake served (2019)The Centenary Project
يحظى السعد اللذيذ أيضًا بتقدير في بلدان أخرى. فحليب السعد اللذيذ (معروف بـ كونو آيا في نيجيريا وبـ هورتشاتا دي تشوفا في إسبانيا) هو مشروب غير كحولي بنكهة المكسّرات يجمع بين الحلاوة الطبيعية والقوام القشدي ويُصنع من تصفية الجذامير المنقوعة والمجروشة الممزوجة بالسكر والماء. بالإضافة إلى ذلك، يتم تناول السعد اللذيذ طازجًا أو منقوعًا أو مجروشًا ويُستخدم في الخَبْز في العديد من البلدان الأفريقية.
Tiger Nut cake on plateراوي - دورية التراث المصري
إذا كنت لا تزال تتساءل عن سبب إعادة بروز طعام "رجل الكهف" هذا كـ "طعام يمدّ الجسم بالطاقة"، إليك هذه المعلومات: تشكّل الجذامير مصدرًا جيدًا للألياف والدهون والسكر والبروتين، إلى جانب أنّها غنية بالفيتامينات هـ (E) وسي (C) والفوسفور والبوتاسيوم. ويحتوي السعد اللذيذ أيضًا على نسبة تتراوح بين 20 و36% من الزيت الذي تشبه تركيبته زيت الزيتون. علاوةً على ذلك يُعتبر مشروبه بديلاً نباتيًا للحليب.
هل أنت مهتم بموضوع Visual arts؟
يمكنك تلقّي إشعارات من خلال الاشتراك بنشرة Culture Weekly المخصّصة لك
انتهت عملية الاشتراك.
ستصلك أول نشرة Culture Weekly هذا الأسبوع.