العلم والإيمان، والسماء: علم الفلك في العالم الإسلاميّ

منذ القرن الثامن الميلاديّ وحتى الآن، اكتسب علم الفلك مكانة بارزة في العالم الإسلاميّ، والذي امتد من شبه الجزيرة الإيْبِيرِيّة (المعروفة تاريخيا بالأندلس، وتضمّ إسبانيا، والبرتغال، وأندورا، ومنطقة جبل طارق) إلى شبه القارة الهنديّة. في هذا المعرض، نُسلّط الضوء على المساهمات المهمّة لعلماء الفلك والمخترعين وصنّاع الآلات من العالم الإسلاميّ، مع التركيز على الباحثين والعلماء الحاليين الذين يدرسون، وينشرون، ويُضيفون إلى هذا الإرث المهمّ.

Soltan-Mohammad, Eid Al-Fitr (1527) من أعمال Soltan-MohammadAdler Planetarium

رؤية الهلال

تعود هذه اللوحة الفنيّة، إلى القرن السادس عشر الميلاديّ، حيث تُمثّل مظاهر الاحتفال برؤية هلال عيد الفطر، والذي يُحدّد نهاية شهر رمضان، وهو شهر الصيام عند المسلمين الذين يُقيمون شعائرهم الدينيّة من خلال التقويم الهجريّ. ويبدأ التقويم القمريّ بتاريخ هجرة نبيّ الإسلام من مدينة مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة في شبه الجزيرة العربيّة عام 622 ميلاديّة. ونظرًا لأنّ السنة القمريّة تضم 354 يومًا فقط، فإن الحسابات الفلكيّة ضروريّة لتحديد مواقيت الشعائر الإسلاميّة. في الوقت الحاضر، يجمع المسلمون بين الطريقة التقليديّة لاستطلاع هلال شهر رمضان وعيد الفطر بالعين المجرّدة، والوسائل الحديثة باستخدام حسابات دقيقة بالنانو ثانية، والتي طوّرها علماء الفيزياء الفلكيّة.

Astrolabe-Quadrant: Eastern من أعمال Unidentifiedالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/collect/1837

المواقيت، والإيمان، والشمس

يتطلّب تحديد مواقيت الصلوات الخمس في الديانة الإسلاميّة، ملاحظات وحسابات فلكيّة مرتبطة بحركة الشمس اليوميّة. ويمكن ذلك بطريقة بسيطة نسبيّا باستخدام أدوات استحدثها المسلمون أنفسهم لهذا الغرض، مثل الربعيّة المحمولة والموضّحة هنا. من المحتمل أن تكون هذه الآلة قد صُنعت في القرن التاسع عشر الميلاديّ أثناء الخلافة العثمانيّة، والتي امتد حكمها عبر البلقان، والأناضول، والجزء الغربيّ من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى كلا من مصر، والجزائر، وتونس. لكن التصميم الأساسيّ لها نشأ سابقًا في منطقة شمال شرق إفريقيا بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، واستخدمها العثمانيون لحساب الوقت حتى القرن العشرين.

Qibla Indicator, Eastern من أعمال Unidentifiedالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/collect/217

تحديد قِبلة الصلاة

استُخدمت هذه الآلة في إيران لتحديد قِبلة الصلاة عند المسلمين خلال القرن التاسع عشر. والقِبلة هي اتجاه مدينة مكّة المكرّمة، حيث تقع الكعبة المشرّفة التي يجب على المسلمين استقبالها، أينما كانوا، عند أداء الصلوات اليوميّة الخمس. ويتطلب تحديد القِبلة معرفة متقدّمة بعلم حساب المثلثات الكرويّة، وهو أحد فروع العلوم الهندسيّة، والذي يُسهّل تحديد اتجاه القِبلة. وفي هذه الآلة، التي تضمّ قطعتين، يحتوي الغطاء على قائمة دائريّة تُحدد اتجاه القِبلة من مواقع الكرة الأرضيّة المختلفة، تُسمّى الفهرس الجغرافيّ. ويتم العثور على القِبلة، بناء على هذا الفهرس، باستخدام القطعة الثانية وهي جهاز البوصلة. في الوقت الحاضر، يستخدم المسلمون تطبيقات الهواتف الذكيّة التي تعرض بوصلة افتراضيّة تُوضّح الاتجاه إلى مكّة المكرّمة رقميا.

Book of the Constellations (Kitāb al-Suwar al-Kawākib) من أعمال ʿAbd al-Raḥmān al-ṢūfīAdler Planetarium

الحسابات الفلكيّة الدقيقة

تمكّن العلماء في العالم الإسلاميّ من تطوير علوم الفلك، والمحافظة على المعرفة بالنجوم والأبراج التي وردت من اليونان القديمة، وبلاد ما بين النهرين، لدرجة أن العديد من أسماء النجوم التي لا تزال تٌستخدم حتى اليوم ذات أصل عربيّ. ومن الأعمال الأساسيّة في هذا المجال، "كتاب الأبراج"، والمعروف باسم (صُوَرُ الكَوَاكِبِ الثَّابِتَةِ)، الذي جمعه عالم الفلك الفارسيّ، عبد الرحمن الصوفيّ، في القرن العاشر الميلاديّ. وتُظهر الصفحة إحدى مخطوطات هذا الكتاب حول برج الأسد، ومَواضع نجومه ولمعانه. وقدّم عبد الرحمن الصوفيّ ملاحظات مهمّة لجعل هذه المعلومات دقيقة قدر المستطاع، حيث اعتبر أن السعيّ اللامتناهي للدقة مفتاحًا للتقدّم العلميّ في العالم الإسلاميّ.

Globe: Celestial, Eastern (1650) من أعمال Unidentifiedالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/collect/740

لمس النجوم

من المحتمل أنْ تكون هذه الكرة السماويّة قد صُنعت خلال القرن السابع عشر في مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب في باكستان. وهي عبارة عن كرة نحاسيّة مجوّفة غير ملتحمة منقوشة برموز تمثل 48 كوكب، مع أكثر من ألف نجمة مميّزة مطعّمة بالفضّة. الكرات السماويّة هي أدوات استُخدمت للرصد والحساب والتوضيح وهي تُحاكي الحركة الحقيقيّة في السماء، ما يسمح لمستخدميها، حرفيا، بلمس النجوم. هذا المثال هو أيضًا مزيج رائع من الفنّ والعلم. وتُشير أرقام الكواكب والتفاصيل الأخرى إلى التأثير المشترك للثقافة العربيّة والفارسيّة والهنديّة في إمبراطوريّة المغول، والتي امتدّت من آسيا الوسطى عبر شبه القارّة الهنديّة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر.

Horoscopion Apiani generale dignoscendis horis cvivscvmque generis aptissimum : nunc ab illo primum & inuentum & aeditum. (1533) من أعمال Peter Apianالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/fullCatalogue/7612

لمحة عن الأبراج العربيّة

عرفت الشعوب العربيّة قديمًا علوم الفلك التقليديّة والنجوم، وقد ظهر ذلك بوضوح في كتاب "صُوَرُ الكَوَاكِبِ الثَّابِتَةِ" الذي كتبه عالم الفلك الفارسيّ، عبد الرحمن الصوفيّ. واستكمل رسام الخرائط الألمانيّ، بيتر أبيان، دراسات الصوفيّ خلال القرن السادس عشر، وأضاف بعض الصفات الأخرى للأبراج في نموذج أطلق عليه اسم خارطة النجوم. وترسم الخارطة في المنتصف نجم الثريّا العنقوديّ، كما أطلق عليه العرب، وإلى اليسار مباشرة يوجد كوكب يُسمّى الملتهب متمثلا في نجم الراعي، وكوكب أُطلق عليه اسم الكلب الأكبر، متمثلا في نجم الكلب الأكبر، وكوكب الحمل متمثلا في نجم الحمل. وإلى أسفل نجم الثريّا كوكب الجِمال الخمسة، وعلى يساره، حلقة من الريش وصفها أبيانوس بالجناحين (ربما يكون هذا تفسير خاطئ، لأنّ ذلك لا يظهر في عمل الصوفيّ).

Astrolabe: Eastern (1130) من أعمال Badr ibn`Abdallahالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/collect/462

مرايا الكون

الأداة الموضّحة هنا هي إسطرلاب صنعه بدر بن عبد الله، وهو مَولى العالم الشهير بديع الزمان هبة الله بن الحسين الإسطرلابيّ، (1130-1131 م)، ليُقدّم إلى سلطان سلاجقة العراق، أبي القاسم محمود بن محمد بن ملكشاه. الإسطرلاب هو أدوات للرصد وحساب نماذج الكون كما كان مفهوما في العصور القديمة والوسطى. ولهذا السبب، تمّت الإشارة إلى الإسطرلاب في العالم الإسلاميّ باسم "مرايا الكون". كان الإسطرلاب يُستخدم في وظائف متنوّعة، منها: معرفة الوقت من اليوم، وحساب وقت شروق الشمس وغروبها، وطول النهار أو الليل لتاريخ معيّن، وقياس ارتفاع المباني والمعالم، أو عمق الآبار، وإجراء مجموعة متنوّعة من العمليات الحسابيّة.

Astrolabe: Eastern من أعمال Unidentifiedالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/collect/448

توسيع حدود المعرفة

تعود جذور آلة الإسطرلاب إلى اليونان القديمة. أما في العالم الإسلاميّ، فهو رمز التقدّم في علوم الرياضيات، والتي تتضمّن أيضًا علم الفلك والهندسة وعلم حساب المثلثات. وخلال القرنين التاسع والثالث عشر، طوّر العديد من العلماء تصميم الإسطرلاب، سعيا منهم لتوسيع حدود ما يمكن معرفته وملاحظته وقياسه وحسابه. ويُعدّ "الإسطرلاب العالميّ"، المعروض هنا، مثالا واضحا على هذا الإبداع، فمن المرجّح أنْ يكون قد صُنع في إسبانيا خلال حكم المسلمين أو في منطقة شمال إفريقيا خلال القرن الثالث عشر. ويُطلق عليه "عالميّ" لأنّه يمكن استخدامه في أيّ مكان في العالم، حيث يظهر الإسطرلاب بأشكال وتصميمات متنوّعة، لكن هذا النوع يكاد يكون مقصورًا على غرب العالم الإسلاميّ.

Astrolabe: Eastern (1601) من أعمال `Isa ibn Allahdadالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/collect/1371

العلم والفنّ والحرف اليدويّة

لم يُظهر علماء الفلك وحدهم تقديرا لاستخدام الأدوات العلميّة، بل امتد ذلك لآخرين ممن استطاعوا التعامل فنيّا مع تلك الآلات. ونتيجة لذلك، تطوّر الإسطرلاب من جهاز علميّ ليُصبح قطعا فنيّة قيّمة ذات زخارف متميّزة. إحدى الورش الفنيّة التي اهتمّت بهذا الفنّ، في مدينة لاهور الباكستانيّة، كان يُديرها أربعة أجيال من عائلة واحدة خلال القرن السابع عشر. أظهرت العائلة تفوّقا لافتا في الجمع بين الدقّة العلميّة والفنيّة والحرفيّة عند صناعة الإسطرلاب. وتُوضّح الصورة إسطرلاب مزخرف صُنع عام 1601 من قِبل أحد أفراد تلك العائلة، وهو عيسى بن الحداد. خارطة السماء في الإسطرلاب مُصنّعة على شبكة مزخرفة تُحدّد مواقع النجوم من خلال المؤشر البارز المنحني عليها، بينما تُمثّل الدائرة الداخليّة المركزيّة البعيدة المسار الواضح للشمس. وقد أظهر صانعو تلك الأدوات مهاراتهم المتمثلة في الزخارف الفنيّة.

Zijesالمصدر الأصلي: https://adler-ais.axiellhosting.com/Details/archive/110006142

مشاركة المعرفة حول السماء

أدّت مُلاحظات دوّنها علماء الفلك في العالم الإسلاميّ على المدى البعيد إلى إنتاج ما يُسمّى بــ"الأزياج"، ومفردها زَيجة، وهو كُتيّب به جدول يحتوي على تعليمات توضّح حركات الكواكب والأجرام السماويّة لتحديد التقويم السنويّ بأكبر دقّة ممكنة. ويُظهر الجدول الموضّح هنا، والمُدرج في مخطوطة زيجة، العناصر التي تُستخدم لتحديد موعد صلاة العصر عند المسلمين. فالأزياج وجداول تحديد الوقت كانت ذات قيمة عالية في العالم الإسلاميّ وخارجه. وقد تُرجمت العديد من الأعمال العربيّة والفارسيّة في هذا الإطار إلى اللغات الأوروبيّة بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر. لم يسعى علماء الفلك في العالم الإسلاميّ من وراء دراساتهم العلميّة الدقيقة إلى مجاراة الاحتياجات الدينيّة والاجتماعيّة فقط، بل لتعزيز التواصل بين الشعوب والثقافات المتنوّعة في إطار الجهود البشريّة المبذولة لدراسة السماء التي نتشاركها جميعًا. واليوم، تظل هذه الروابط حيويّة، إذ يُواصل الناس في جميع أنحاء العالم دراسة هذا التراث والاحتفاظ به.

Dr. Pouyan RezvaniAdler Planetarium

التواصل بين الثقافات: الدكتور بويان رضواني

يُظهر الدكتور بويان رضواني، هو باحث إيراني في الأكاديميّة البافاريّة للعلوم الإنسانيّة في مدينة ميونخ، ألمانيا، اهتماما خاصّا بتاريخ الأدوات الفلكيّة في العالم الإسلاميّ خلال القرون الوسطى. وقد عمل الدكتور رضواني على تحليل وترجمة بحثين غير منشورين عن الإسطرلاب، أحدهما لعالم الفلك الفارسيّ البارز، أبو الريحان البيرونيّ (973 - 1050 م)، والآخر عن الإسطرلاب الزورقيّ، إذ أعاد لأوّل مرّة بناء آلة إسطرلاب غير عاديّ على شكل هلال صنعه عالم الفلك والرياضيات الفارسيّ، أبو سعيد السجزي في القرن العاشر الميلاديّ. كان تعاون العلماء من مختلف اللغات والأديان والثقافات في العالم الإسلاميّ، وإنجازاتهم الرائعة في تاريخ العلوم، هو السبب الذي قاد الدكتور رضواني لدراسة هذا المجال، إذ يقول إنّ "دراسة التاريخ تُظهر كيف استطاع العلم ربط الثقافات المختلفة بعضها البعض على مدى قرون، مؤكدا أنّ "تاريخ العلم"، كنظام أكاديميّ، قادر حتى الآن على تشجيع التواصل بين العلماء من مختلف البلدان."

Abdullah Mohamad AlkhalafAdler Planetarium

روائع التاريخ: عبدالله محمد الخلف

عبد الله محمد الخلف هو مُتطوّع في مشروع مُلتقى أكسفورد، الذي أنشئ بالتعاون بين مُتحف "بت ريفرز"، ومُتحف تاريخ العلوم في أكسفورد بإنجلترا. ويعمل المشروع بالتنسيق مع المنظمات المحليّة لإيجاد الفرص التطوعيّة، وتعزيز استخدام المتاحف كملتقى يجمع البشر ويمكّنهم من التواصل. ويساهم عبد الله الخلف من خلال عمله كمرشد سياحيّ في مساعدة الزائرين للتعرف على الثقافة الإسلاميّة. ويقول: "أنا مسلم، وهذا تاريخي وإرث الحضارة التي أنتمي إليها"، لافتا أنّه يهتمّ خصوصا بالإسطرلاب الإسلاميّ، ويرى من خلال بحثه في استخداماته عند المسلمين ودقّة الحسابات التي يجريها، أنّه "قطعة فريدة، وتُحفة من روائع التاريخ."

Dr. Azucena HernandezAdler Planetarium

حان وقت التوازن بين كلّ شيء: الدكتورة أزوسينا هيرنانديز

مع شهادة في علم الفيزياء، و30 عامًا من العمل في أبحاث علوم الاتصالات، قرّرت الدكتورة أزوسينا هيرنانديز، دراسة تاريخ الفنّ، وتمكّنت من الحصول على درجة الدكتوراه في هذا المجال في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، ركّزت أبحاث الدكتورة هيرنانديز في جامعة كومبلوتنسي بمدريد، إسبانيا، على دراسة الأدوات العلميّة التي استُخدمت خلال العصور الوسطى. وقد درست هيرنانديز، اللغة العربيّة لمدة ثلاث سنوات، في إطار التزامها بتسليط الضوء على الإنجازات العلميّة والتكنولوجيّة المُدوّنة باللغة العربيّة في الأندلس، وهي المنطقة التي حكمها المسلمون سابقًا في شبه الجزيرة الأيبيريّة، التي تضمّ الآن البرتغال وإسبانيا، وأندورا ومنطقة جبل طارق، وترى الدكتورة هيرنانديز، أنّ "الأبحاث والدراسات تُساهم بصورة غير معروفة، ولكنها رائعة، في تطوير العلوم والتكنولوجيا في بلدي إسبانيا". وتقول إنّه "رغم تجاهل علوم القرون الوسطى المكتوبة باللغة العربيّة مقابل مثيلاتها المدوّنة باللاتينيّة أو اللغات الأخرى، لكن الوقت قد حان الآن لتحقيق التوازن بين كلّ شيء".

Eva HaghighiAdler Planetarium

الثقافات والتجارب الفردية يأتيان معا: إيفا هاجيجي

إيفا هاجيجي متطوّعة في مشروع مُلتقى أكسفورد. ساهمت كمنتج مشارك وباحثة في المعارض التي تتناول الأعمال الفنيّة المعدنيّة والمعروضات التاريخيّة من العالم الإسلاميّ، والتي استضافها مُتحف "بت ريفرز" في انجلترا. وتقول إيفا: "خلال البحث عن وسيلة عمليّة ومبتكرة لاستكشاف تراث الشرق الأوسط، انغمست في دراسة تاريخ الأدوات غير العاديّة التي استُخدمت، وتمكّنت بشكل حقيقي وكامل من تقدير المساهمة الهائلة للثقافة الإسلاميّة في الحضارة الإنسانيّة ". وتضيف ايفا: "في عالم مستقطب بشكل خطير، من الضروريّ استكشاف ماضينا، وإعادة اكتشاف الوسائل التي تعزز تواصلنا. مؤكّدة أنّه من خلال توفير منصّة تُمكّن الجماهير من إعادة التفكير في العلاقة بالثقافات الأخرى، يمكننا تشجيعهم على الاحتفال بما يجمعنا معًا، وبما يميّز كلّ ثقافة على حدة أيضًا." لقد كانت تجربة مفيدة لإيفا، التي تؤكد أنّ "الشعور بالتقارب بين الثقافات، والتجارب الفرديّة سيبقيان معها إلى الأبد."

Convin SplettsenAdler Planetarium

إيجاد تجارب مشتركة: كونفين سبليتسن

يقسّم كونفين سبليتسن وقته بين الحصول على درجة علميّة في التاريخ، وفلسفة العلوم، وعلم الأنثروبولوجيا في جامعة جوته فرانكفورت، ألمانيا، وبين نشاطه الفنيّ في مجال عروض السحر والتمثيل. لفتت آلة الإسطرلاب انتباه كونفين، وتأثّر بها كثيرا أثناء حضوره دورة حول التنجيم في النصوص العربيّة واللاتينيّة خلال العصور الوسطى. ومنذ ذلك الحين، حاول كونفين استكشاف العلاقة بين الأدوات الفلكيّة، والنصوص التاريخيّة المتعلقة بالسحر. ويعتقد كونفين أنّ تقديم تلك الموضوعات بطريقة جذابة يمكن أنْ يعزّز التواصل بين البشر. ويقول: "من المهمّ التعرّف على تاريخ وثقافة بعضنا البعض، لأنّه يساعد على فهم الآخر، ويُمحى الخوف من المجهول". ويُضيف قائلا إنّه "يمارس فنّ التمثيل وتقديم عروض السحر، وقد ساعده ذلك حقًا على فهم أهمّية الأداء والعرض كوسيلة لإيجاد قاعدة مشتركة تجمع البشر."

Mohammad Al AwadAdler Planetarium

حوار الثقافات والحضارات: محمد العواد

ساهم محمد العواد في مشروع ملتقى أكسفورد، كمرشد سياحيّ، ومنتج، ومسؤول عن معرض التصوير الفوتوغرافيّ، "القمر السوريّ يُضيء سماء أكسفورد"، والذي عُقد في متحف تاريخ العلوم، أكسفورد، في عام 2019. عندما رأى محمد الأدوات الفلكيّة والرياضيّة من العالم الإسلاميّ في متحف تاريخ العلوم، زاد حماسه لتوسيع معارفه بأكثر مما تعلّم خلال دراسته الجامعيّة. ويقول محمد: "هذا التراث جزء من تاريخي وهويتي"، مضيفًا أنّ "الثقافة هي أيضًا جزء من التراث الإنساني"، إذ يظهِر محمد شغفا خاصا بالأجرام السماويّة وعلم الفلك. ويقول: إنّه عند مشاركة معرفته حول القِطَع الأثريّة المعروضة مع زوار المتحف، "أشعر كأنّي في بلادي سوريا، مع طلابي وأساتذتي في جامعة دمشق"، فكلما زاد اهتمام الجمهور بالاستماع كلما زاد علمه، ويضيف: "مشاركتي جزء من حوار الثقافات والحضارات الذي نحتاجه الآن."

Dr. Gaye DanışanAdler Planetarium

علم الفلك والثقافة والمجتمع: الدكتورة/ غاي دانيشان

الدكتورة غاي دانيشان، أستاذ مساعد في قسم تاريخ العلوم، جامعة اسطنبول، تركيا. تدرّس الدكتورة دانيشان تاريخ التطبيقات العمليّة لعلم الفلك خلال فترة الحكم العثمانيّ، وبالتحديد في مجال الملاحة والأرصاد الجويّة، (تخصُّص يدرس العلاقة بين الظواهر الفلكيّة والطقس. كما يدرس التقويم الزمنيّ وإنتاج واستخدام الأدوات الفلكيّة المحمولة). وتقول الدكتورة دانيشان "إنّ الأبحاث التي أجريها تسمح لي بدراسة وجهات نظر مختلفة من الثقافة والحياة الاجتماعيّة العثمانيّة"، وتضيف: "هناك عدد لا يحصى من المخطوطات والعديد من الأدوات الفلكيّة التي سيتم دراستها وفحصها في تركيا. وأعتقد بشدة أنّ هذا البحث، وتحديدا تلك الدراسات متعدّدة التخصّصات، سيلقي الضوء على العديد من الأسئلة التي لم تتمّ الإجابة عليها حول تاريخ العلوم في الفضاء العثمانيّ، والتاريخ الثقافيّ عموما".

Khadeje KarkoraAdler Planetarium

رحلة عبر التاريخ: خديجة كركورة

دفع شغف القراءة حول تطوّر العلوم ودور العلماء في التاريخ، خديجة كركورة، إلى دراسة المواد العلميّة في الجامعة. وقد أعجبت خديجة بالمجموعات الفنيّة والمعروضات في متحف تاريخ العلوم في أكسفورد، والتي تبرز اسهامات الحضارة الإسلاميّة في العلوم. تهتمّ خديجة، كمتطوّعة في مشروع ملتقى أكسفورد، باستكشاف دور المرأة في تطوير العلوم في العالم الإسلاميّ. الآلة المفضّلة لخديجة هي الإسطرلاب الكرويّ الذي تم صُنعه في الشرق الأوسط خلال القرن الخامس عشر. وفقًا لخديجة، "تؤدي دراسة هذه الموضوعات إلى إعادة صياغة الروايات التاريخيّة بطريقة أكثر تأثيرًا لتأخذ الجمهور في رحلة زمنيّة للتنقّل بين ثقافات متنوّعة عبر عصور مختلفة."

Dr. Taha Yasin ArslanAdler Planetarium

تجديد آفاق العلم الحديث: الدكتور طه يس أرسلان

الضيف المنسّق لهذا المعرض، الدكتور طه يس أرسلان، هو أستاذ في جامعة مدينة اسطنبول، تركيا، وباحث في جامعة أكسفورد، إنجلترا. تركّز أبحاث الدكتور أرسلان على الأدوات الفلكيّة في العالم الإسلاميّ، ولا سيما تلك الآلات من العصرالمملوكيّ في مصر، ومن سوريا بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، بالإضافة إلى استخدامها في تركيا العثمانيّة خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديّ. وكجزء من عمله، يصنع الدكتور أرسلان نسخًا طبق الأصّل للأدوات الفلكيّة، ويأمل في استنساخ الإسطرلاب الكرويّ الذي يحمله في الصورة، وهو أداته المفضّلة. وبصفته متحمسًا لعلم الفلك، وبعد دراسة الفلسفة الإسلاميّة، بدأ أرسلان رحلة فكريّة وعمليّة لفهم الروابط العميقة بين الفلسفة والثقافة والدين والعلم وأدواته في العالم الإسلاميّ. كما أنّه مُهتمّ بكيفية رعاية الإسلام للعلم، ما يضفي بُعدًا من الدقة على طقوسه الدينيّة، إذ يرى الدكتور أرسلان أنّ "هذه الدراسات تساعد في إعادة التفكير في تاريخ العلم، ما يسمح بتجديد منظورنا حول العلم الحديث."

معلومات حقوق الطبع والنشر: المقال

شكر وتقدير لموظفي قبّة آدلر السّماويّة، وللدكتور طه يس أرسلان، ومشروع ملتقى أكسفورد على مساعدتهم في إنشاء هذا المعرض. يشكر مُتحف آدلر أيضًا الدكتور بويان رضواني، والدكتورة أزوسينا هيرنانديز، وكونفين سبليتسن، والدكتورة غاي دانيشان، والسيد أبولالا سودافار، ومحمد العواد، وخديجة كركورة، وإيفا هاجيجي، وعبد الله محمد الخلف لمساهمتهم في إنشاء هذا المعرض ومشاركة قصصهم. تقدير وشكر للأستاذة راندا محمد والدكتور طه يس أرسلان لعملهما على ترجمة هذا المعرض إلى اللغتين العربيّة والتركيّة.
شكر خاص لداعمينا الكرام
مؤسّسة إيمي وستيف لويس
صندوق تمويل رودريك ومارجوري ويبستر – مؤسسة شيكاغو المجتمعيّة

ملكية المحتوى: جميع الوسائل
يمكن أن يتمّ إنشاء المقالة المقدَّمة في بعض الحالات بواسطة جهة خارجية مستقلة، وقد لا تمثِّل دائمًا وجهات نظر المؤسسات (المدرجة أدناه) التي قدّمت المحتوى.

هل أنت مهتم بموضوع Sport؟

يمكنك تلقّي إشعارات من خلال الاشتراك بنشرة Culture Weekly المخصّصة لك

انتهت عملية الاشتراك.

ستصلك أول نشرة Culture Weekly هذا الأسبوع.

الصفحة الرئيسية
اقتراحات
لعب
مواقع مجاورة
المحتوى المفضَّل